بحث

| ]



بسم الله الرحمن الرحيم... 

أيها الأخوة الكرام ، مع اسم جديد من أسماء الله الحسنى ، والاسم اليوم “القدوس”
معاني القدوس
فاسم “القدوس” يدل على ذات الله إذاً هو من أسماء الذات ، ويدل على صفة القدسية إذاً هو من أسماء الصفات ، ويدل التقديس كوصف من أفعال الله عز وجل إذاً هو من أسماء الأفعال ، هو من أسماء الذات ، ومن أسماء الصفات ، ومن أسماء الأفعال ، فالله جل جلاله مقدس في ذاته، منزه عن كل نقص وعيب لأنه يتصف بكل أنواع الكمال .
القدوس من تقدست عن الحاجات ذاته وتنزهت عن الآفات صفاته :
لذلك قالوا في تعريف اسم “القدوس” : من تقدست عن الحاجات ذاته ، وتنزهت عن الآفات صفاته ، لا يحتاج أحداً ، ويحتاجه كل شيء في كل شيء.
القدوس من تقدس عن مكان يحويه ، وعن زمان يبليه:
و”القدوس” من تقدس عن مكان يحويه ، وعن زمان يبليه ، نحن نكون في مكان ، ومضي الزمان يستهلكنا .
سيدنا عمر بن عبد العزيز يقول :
الليل والنهار يعملان فيك ، فاعمل فيهما
الزمان يبلينا ، ومن أدق تعريفات الإنسان أنه بضعة أيام ، كلما انقضى يوم انقضى بضع منه ، بل ما من يوم ينشق فجره إلا وينادي يا ابن آدم أنا خلق جديد ، وعلى عملك شهيد ، فتزود مني فإني لا أعود إلى يوم القيامة .
“القدوس” من تقدس عن مكان يحويه ، وعن زمان يبليه ، وهو عزيز لا يرقى إلى تصوره وهم ، مهما خطر في بالك عن الله ، فالله بخلاف ذلك ، ولا يطمع في تقديره فهم ، لا يعرف الله إلا الله ، ولا تنبسط في ملكه يد ، لا يليق بألوهية الإله أن يقع في ملكه ما لا يريد .
التقديس هو التوحيد و التوحيد أن تفرد الله في العبادة وإفراده بالوحدانية
أيها الأخوة ، لكن لو تعمقنا قليلاً التقديس هو التوحيد ، وما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد ، التوحيد أن تفرده في العبادة ،
أردف النبي خلفه سيدنا معاذ وقال له:
هل تدري ما حقُّ الله على العباد ؟ قال : قلت : الله ورسوله أعلم قال : فإن حقَّ الله على العباد : ـ بعد ذلك أجابه النبي ـ أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً
الموطن الدقيق في الحديث القسم الثاني :
قال :
هل تدري ما حقُّ العباد على الله إذا فعلوا ذلك ؟ قلتُ : الله ورسوله أعلم ، قال : حقُّ العباد على الله أن لا يعذِّبهم
[أخرجه البخاري ومسلم والترمذي عن معاذ بن جبل]
أنشأ الله لك حقاً عليه .
الأحدية
إذاً التقديس هو التوحيد ، التوحيد هو أن تفرده بالعبادة ، وأن تفرده بذاته وبصفاته ، وبأفعاله ، أي
كما قال الله تعالى في القرآن الكريم:
(لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)
[سورة الشورى الآية : 11]
أي هو أحد ، هذه أحديته ، وما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد .
الوحدانية
والتقديس أيضاً إفراده بالوحدانية ، الوحدانية شيء ، والأحدية شيء آخر ، الوحدانية أي لا شريك له، له الملك ، وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ، لا شريك له هو واحد ، لا مثيل له هو أحد ، فالله عز وجل واحد أحد
قال الله تعالى في القرآن الكريم:
(الأحَدُ الصَّمَدُ الذي لم يَلِدْ ولم يُولَدْ ، ولم يكن له كُفُوا أَحَدٌ)
[سورة الإخلاص]
تقديس الله التفصيل في إثبات الكمالات له و أن تنفي عنه كل ما لا يليق به :
أيها الأخوة ، التقديس نفي واثبات ، يجب أن تنفي عنه كل ما لا يليق به ، لكن النفي يجب أن يكون مجملاً ، يعني مستحيل أن تمدح ملكاً وأن تقول هو لا يكذب ، ولا يرتكب فاحشة ، وليس لئيماً ، وليس بخيلاً ، التفصيل في النفي لا يليق بذات الله عز وجل منزه عن العيوب ، أما التفصيل في الإثبات وارد ، هو رحمن رحيم ، غفور رحيم ، واحد أحد ، فرد صمد ، كبير متعال ، عدل ، يجب أن تفصل في إثبات الكمالات له ، ويجب أن تجمل في نفي العيوب عنه ، هذا من التقديس .
قال الله تعالى في القرآن الكريم:
(وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ)
[سورة البقرة الآية : 30]
القدوس هوالمطهر عن كل صفات الكمال البشري :
أيها الأخوة ، الآن في معنى آخر : “القدوس” هو المطهر عن كل صفات الكمال البشري ، أحياناً يتوهم الإنسان أن الله كالأب ، هو منزه عن ذلك ، كالقاضي العدل ، لا ، هو منزه عن ذلك ، الإنسان بحسب ثقافته ، بحسب علاقاته ، يتصور العدل بقاضٍ ، والرحمة بأب ، فإذا أراد أن ينزه الله عز وجل ، وأن يقدسه ينسب له صفات الكمال البشري ، فقال العلماء : الله عز وجل قدوس ، أي منزه عن صفات الكمال البشري.
لذلك قالوا :
كل ما خطر في بالك فالله بخلاف ذلك
هو مطهر عن صفات الكمال البشري ، يعني كلمة منتقم بالإنسان لا ترتاح لها ، لكن المنتقم من أسماء الله الحسنى يوقف الجبارين عند حدهم ، يريح الناس منهم إذا مات العبد الفاجر
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
(( يستريح منه العبادُ والبلادُ ، والشجر والدواب ))
[أخرجه البخاري ومسلم والنسائي ومالك عن أبي قتادة]
منتقم الله عز وجل ، في طغاة ما في حل لإنهاء طغيانهم إلا بالموت ، وسبحان من قهر عباده بالموت، فالمنتقم بحق الإنسان قد لا ترتاح لهذه الصفة ، أما بحق الواحد الديان الرحمة كلها في انتقام الله عز وجل .
القدوس من قدّس قلوب الزاهدين عن حبّ الدنيا :
إذاً “القدوس” من قدّس قلوب الزاهدين عن حبّ الدنيا ، “القدوس” من قدّس قلوب العارفين عمن سواه، نهاية المطاف لا يحزن قارئ القرآن ،
لأنه يقرأ قوله تعالى :
(فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى)
[سورة طه]
يقرأ قوله تعالى :
(فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)
[سورة البقرة]
يقرأ قوله تعالى :
(مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً)
[سورة النحل الآية : 97]
لا يحزن ، لا يحزن قارئ القرآن إذا قرأ قوله تعالى :
(إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آَمَنُوا)
[سورة الحج الآية : 38]
لا يحزن قارئ القرآن إذا قرأ قوله تعالى :
(إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ)
[سورة فصلت]
القدوس من قدّس نفوس الأبرار عن المعاصي
“القدوس” من قدّس نفوس الأبرار عن المعاصي ، هو قدوس ، ويقدس المؤمنين ، أي يطهرهم ، “القدوس” من قدّس نفوس الأبرار عن المعاصي ، وأخذ الأشرار بالنواصي .
قال الله تعالى في القرآن الكريم:
(إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ)
[سورة البروج]
أي إنسان لا يدخل حساب الله في حساباته يعد من أغبى الأغبياء ، لأن الإنسان في قبضة الله ، وفي ثانية واحدة يكون في حال ، ويصبح في حال .
من أدعية النبي عليه الصلاة والسلام :
(( اللهم إنا أعوذ بك من فجأة نقمتك ، وتحول عافيتك ، وجميع سخطك ، ولك العتبى حتى ترضى ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ))
[الجامع الصغير عن أبي نعيم]
قال الله تعالى في القرآن الكريم:
(يَومَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ)
[سورة الشعراء]
ما القلب السليم ؟ هو القلب الذي قدسه الله .
أنت حينما تقبل على الله يقدس قلبك ، وأعظم عطاء تناله من الله أن تلقاه بقلب سليم ، والقلب السليم هو القلب الذي لا يشتهي شهوة لا ترضي الله ، طوبى لمن وسعته السنة ولم تستهوه البدعة ، القلب السليم هو القلب الذي لا يصدق خبراً يتناقض مع وحي الله ، القلب السليم هو القلب الذي لا يحكم غير شرع الله ، القلب السليم هو القلب الذي لا يعبد إلا الله .
لذلك هناك قلب يلامس السماء رفعة ، وهناك قلب يلامس الحضيض ضعة ، هناك قلب يكبر ويكبر، ولا نرى كبره ، فيتضاءل أمامه كل كبير ، وهناك قلب يصغر ويصغر ولا نرى صغره فيتعاظم عليه كل حقير .
القدوس من قدّس قلوب أوليائه عن السكون إلى المألوفات
“القدوس” من قدّس قلوب أوليائه عن السكون إلى المألوفات ، ملايين مملينة جاءت الحياة ، كبرت ، تزوجت ، أنجبت ، وماتت ، ولم تفعل شيئاً ، رقم سهل ، ملايين مملينة ، كن رقماً صعباً ، أتى الله بك إلى الدنيا لتكون شيئاً مذكوراً .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(( إِن الله وِتْر يُحِبُّ الوِتْرَ ))
[أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي عن علي بن أبي طالب]
يحب التفوق .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(( إنكم لن تَسَعوا الناس بأموالكم ، فليسعهم منكم بَسْط الوجه وحسنُ الخلق ))
[أخرجه أبو يعلى وابن أبي شيبة عن أبي هريرة]
كن متميزاً ، كن متفوقاً ، كن طموحاً ، كن رقماً صعباً ، أدِ لأمتك شيئاً ، احمل هم أمتك ، اخرج من ذاتك ، “القدوس” من قدس قلوب أوليائه عن السكون إلى المألوفات يعني أكلنا ، وشربنا ، ونمنا ، وسهرنا ، وألقينا بعض الطرف ، وهكذا كل يوم ما في هم ، ولا في رسالة ، ولا في هدف ، ولا يعرف الإنسان لماذا خلقه الله ، يقول لك : عما ندفش هذا قوله العوام ، معك رسالة ، أنت مخلوق لمعرفة الله ، علة وجودك أن تعبد الله .
قال الله في القرآن الكريم:
(وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)
[سورة الذاريات]
والعبادة هي: طاعة طوعية ، ممزوجة بمحبة قلبية ، أساسها معرفة يقينية ،تفضي إلى سعادة أبدية .
القدوس من قدّس قلوب العابدين عن دنس المخالفات واتباع الشهوات
“القدوس” من قدّس قلوب العابدين عن دنس المخالفات ، واتباع الشهوات ،
من الأدعية المأثورة : ” اللهم لا تقطعنا عنك بقواطع الذنوب ، ولا تحجبنا بقبائح العيوب ” .
العيب القبيح يقطع عن الله ، والذنب يحجب عن الله .
أيها الأخوة ، الشيطان يوسوس للإنسان أن يكفر ، فإذا رآه على إيمان وسوس له أن يشرك ، فإذا رآه على توحيد وسوس له أن يرتكب الكبيرة ، فإذا رآه على طاعة وسوس له بالصغائر ، فإذا رآه على ورع بقي معه ورقتان رابحتان ، الأولى بالتحريش بين المؤمنين هذه الخصومات ، وهذا الحسد ، وتراشق التهم بين المؤمنين ، هذه ورقة رابحة بيد الشيطان فإن لم يفلح بقيت معه ورقة رابحة أخيرة ، أن يغريه بالمباحات، يصرف وقته في تزيين حياته إلى درجة غير معقولة ، ثم يفاجأ بالموت ، آخر ورقة رابحة بيد الشيطان أن يغريك بعمل لم تخلق له .
علاقتنا باسم الله القدوس
أيها الأخوة الكرام ، القداسة : هذه الطهارة والبركة ، والبركة الخير الكثير ، قدّس الرجل ربه قال إذا عظمه ، وكبّره ، وطهر نفسه بتوحيده وعبادته ،
قال تعالى يصف الملائكة في حالهم مع الله :
(وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ)
[سورة البقرة الآية : 30]
الكلام دقيق ، أي نطهر أنفسنا من كل العيوب ، حتى نقبل عليك يا ربنا .
إن الله طيِّب ، لا يقبلُ إلا طيباً
الآن دخلنا بموضوع دقيق : الأقوياء في الدنيا ، أي إنسان أعلن لهم الولاء يقبلونه ولا ينتبهون إلى سلوكه ، أي إنسان رفع صورتهم يقبلونه ، أي إنسان أرسل لهم برقية تأييد يقبلونه ، لكن الواحد الديان ، إن لم تكن مستقيماً ، إن لم طاهراً ، إن لم تكن رحيماً ، إن لم تكن منصفاً ، إن لم تكن متواضعاً لا يقبلك ، الولاء للأقوياء شيء ، والولاء لله عز وجل شيء آخر .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(( إن الله طيِّب ، لا يقبلُ إلا طيباً ))
[أخرجه مسلم والترمذي عن أبي هريرة]
مع غير الله القضية سهلة جداً ، أي سلوك يؤكد ولاءك له أنت مقبول عنده ، لكن القضية مع الله شيء آخر ، لا يقبلك ، ولا يتجلى على قلبك ، ولا يلقي في قلبك السكينة ، ولا يشعرك أنه يحبك إلا إذا كنت طاهراً ، من الكذب ، من الغش ، من الاحتيال ، من الكبر .
أيها الأخوة ، القداسة الطهر ، والله عز وجل لا يقبلك إلا إذا كنت طاهراً ، من الذنوب ومن العيوب معاً ، نقدس لك نطهر أنفسنا من الذنوب كي تسمح لك أن نتصل بك .
إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ
أيها الأخوة ، كل واحد منا ينظف مركبته ، لأن هذه المركبة يراها الناس ، ينظف بيته إذا جاء البيت بيته نظيف ، وأحياناً يعطره ، ينظف جسمه ، ينظف ثيابه .
ثيابك ، وبيتك ، ومحلك التجاري ، ومركبتك هي منظر الخلق ، الناس ينظرون إليك ، وإلى ثيابك ، وإلى بيتك وإلى طلاء البيت ، وإلى أثاث البيت ، وإلى مركبتك ، فالإنسان يطهر منظر الخلق .
ورد في بعض الآثار القدسية :
(( يا عبدي طهرت منظر الخلق سنين ، أفلا طهرت منظري ساعة ))
ما هو منظر الله عز وجل ؟ هو قلبك .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(( إِنَّ الله لا ينظرُ إِلى صوركم وأَموالكم ، ولكن ينظر إِلى قلوبكم وأعمالكم ))
[البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي عن أبي هريرة]
لذلك قال الله في القرآن الكريم:
(يَومَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ)
[سورة الشعراء]
القلب السليم هو القلب الذي لا يشتهي شهوة لا ترضي الله ، ولا يصدق خبراً يتناقض مع وحي الله ، ولا يعبد غير الله ، ولا يحتكم إلا لله .
من عرف هذا الاسم القدوس
أيها الأخوة الكرام ، علاقتنا بهذا الاسم من عرف هذا الاسم “القدوس”
1.طهر نفسه عن متابعة الشهوات
طبعاً التي لا ترضي الله ، لأنه ما من شهوة أودعها الله في الإنسان إلا جعل لها قناة نظيفة تسري خلالها ، بالإسلام ما في حرمان ، لكن في طهر ، وفي عفة ، ما من شهوة أودعها الله في الإنسان إلا وجعل لها قناة نظيفة تسري خلالها ، والذي يؤكد هذه الحقيقة
قال الله في القرآن الكربم:
(وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ)
[سورة القصص الآية : 50]
عند علماء الأصول المعنى المخالف ، المعنى العكسي ، أي أن الذي يتبع هواه وفق هدى الله لا شيء عليه ، اشتهى المرأة فتزوج ، لا شيء عليه يبارك الله له بها وبه ، اشتهى المال فعمل عملاً شريفاً ، كسب المال الحلال ،
2.وطهر ماله عن الحرام والشبهات
والله زرت والد صديقي ، قال لي : أنا عمري ست و تسعون سنة ، قلت : ما شاء الله ! قال لي أجريت تحليلات كاملة ، كلها طبيعية ، قال لي : والله لا أعرف الحرام بحياتي يقصد حرام المال ، حرام النساء ، قال لي : والله لا أعرف الحرام بحياتي .
وكان هناك عالم جليل بلغ السادسة و التسعين منتصب القامة ، حاد البصر ، مرهف السمع كان إذا سُئل يا سيدي ما هذه الصحة التي حباك الله إياها ؟! يقول : يا بني ! حفظناها في الصغر فحفظها الله علينا في الكبر ، من عاش تقياً ، عاش قوياً .
حينما كرمت بلدتنا الطيبة علماء القرآن الكريم قبل سنوات ، هم قريبون من عشرة ، وكلهم فوق التسعين ، من عاش تقياً عاش قوياً .
3.وطهر وقته عن دنس المخالفات
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(( إن الله يحب معالي الأمور وأشرافها ويكره سفسافها ))
[أخرجه الطبراني عن حسين بن علي]
4.وطهر قلبه عن مسلك الغفلات
5.وطهر روحه عن فتور المساكنات
6.لا يتذلل لقوي ، ولا لغني
لأنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(( من جلس إلى غني فتضعضع له ذهب ثلثا دينه ))
[البيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود]
لا يتذلل لقوي ولا لغني ، ولا يتضعضع أمامها ، لأن شرف المؤمن قيامه بالليل ، وعزه استغنائه عن الناس .
7.لا يبالي فيما فقده ، بعدما وجده
ومن عرف اسم “القدوس” لا يبالي فيما فقده ، بعدما وجده ، لا يبالي فيما فقد من الدنيا بعدما وجد الله.
لذلك ورد أن سيدنا الصديق لم يندم على شيء فاته من الدنيا قط ، تُعرض عليه أرض لا يشتريها ، يزهد فيها ، بعد حين يرتفع سعرها مئة ضعف ، يبقى كل عمره متحسراً ، كل حياته متحسر لمَ لم يشترِ هذه الأرض ، سيدنا الصديق لم يندم على شيء فاته من الدنيا قط .
لا يبالي بما فقده بعدما وجدالله ، ولا يرجع قبل الوصول إليه بعدما قصده ، تعامل خالق السماوات والأرض ، عاهدنا رسول الله على السمع والطاعة في المنشط والمكره ، في إقبال الدنيا ، وفي إدبارها ، في القوة والضعف ، في الفقر والغنى ، هذا قرار استراتيجي أنك طلبت الله ، أقبلت عليه .
على كل إنسان أن يطهر نفسه و يقدسها عن كل حرام:
لذلك قالوا :
اتقِ الله باجتناب المحرمات تكن من التوابين ، وتورع عن اقتحام الشبهات تكن من المتطهرين ، وازهد فيما زاد عن قدر الضرورة تنجو من الحساب الطويل .
إنسانة دخلت إلى سوق تجاري كبير جداً ، قالت : يا إلهي ! ما أكثر الحاجات التي لا يحتاجها الإنسان.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(( مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا ))
[أخرجه البخاري والترمذي وابن ماجة عن عبد الله بن محصن]
وأقبل على خدمة مولاك تنال الثواب الجزيل ، الذي يعنينا من الأسماء الحسنى موقفك من هذا الاسم، الله “القدوس” هل قدست نفسك ؟ هل طهرتها ؟ الله “القدوس” هل أقبلت عليه ؟ أخذت منه الطهر والنقاء ؟.
أيها الأخوة ،
سيدنا سلمان الفارسي يقول :
إن الأرض لا تقدس أحداً ، وإنما يقدس الإنسان عمله
يعني أنت مقدس لا لشيء بعيد عنك ، لشيء منك ، مقدس إذا كنت مستقيماً ، مقدس إذا كنت نظيفاً ، مقدس إذا كنت طاهراً ، مقدس إذا كان باطنك كظاهرك وسريرتك كعلانيتك.
إن الله لا يقدس أمة لا يأخذ الضعيف حقه
الشيء الدقيق جداً : وهو يقدس من شاء من خلقه ، وفق مراده وحكمته ،
لذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(( إن الله لا يقدس أمة لا يأخذ الضعيف حقه ))
[أخرجه الحاكم عن أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب]
يقول عليه الصلاة والسلام :
(( إنَّما أَهلك الذين قبلكم : أنَّهمْ كانوا إذا سَرقَ فيهم الشَّريفُ تَرَكُوه ، وإذا سَرَقَ فيهم الضعيف أقاموا عليه الحدّ . وَأيْمُ اللَّهِ لَوْ أنَّ فاطمةَ بنْتَ محمدٍ سَرَقَت لقطعتُ يَدَهَا ))
[أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن عائشة أم المؤمنين]
أيها الأخوة ، من الأحاديث الشريفة الصحيحة التي نحن في أمس الحاجة إليها
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(( إنما تنصرون بضعفائكم ))
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(( إنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم ))
[أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي عن أبي الدرداء]
هذا الحديث فيه ملمحان ،
الملمح الأول:
فالضعيف حينما ننصره تتماسك الأمة ، وتصبح سداً منيعاً لا يخترق ، أما إذا لو تُرك الضعيف ضعيفاً، كان فقيراً ، وكان مشرداً ، وكان مظلوماً، تتفتت الأمة ، وعندئذٍ يسهل خرقها ، هذا الملمح الأول وفق قوانين الله عز وجل .
الملمح الثاني:
ملمح توحيدي بمعنى أننا إذا نصرنا الضعيف أطعمناه إذا كان جائعاً ، كسوناه إن كان عارياً ، أنصفناه إن كان مظلوماً ، آويناه إن كان مشرداً علمناه إن كان جاهلاً ، نحن إذا نصرنا الضعيف ، وبإمكاننا أن نهمله ، وبإمكاننا أن نسحقه ، وبإمكاننا أن نهمشه ، وبإمكاننا ألا نلتفت إليه ، نحن إذا نصرنا الضعيف ، وبالإمكان أن نهمله ، يكافئنا الله مكافأة من جنس عملنا ، ينصرنا على من هو أقوى منا ، إذا نصرنا من هو أضعف منا ينصرنا الله على من هو أقوى منا .
لما أسلم ملك الغساسنة جبلة فرح به سيدنا عمر ، أثناء طوافه حول الكعبة بدوي من فزارة داس طرف ردائه ، فالتفت نحوه الملك جبلة ، وضربه ضربة هشمت أنفه ، فذهب إلى عمر هذا الأعرابي الفقير ، الذي هو من دهماء الناس وسوقتهم ، شكا جبلة إلى عمر بن الخطاب ، استدعاه عمر ، شاعر معاصر صاغ هذا الحوار شعراً :
قال عمر : أصحيح ما ادعى هذا الفزاري الجريح ؟
قال جبلة : لست ممن ينكر شياً ، أنا أدبت الفتى ، أدركت حقي بيدي .
قال عمر : أرضِ الفتى ، لابد من إرضائه ، مازال ظفرك عالقاً بدمائه أو يهشمن الآن أنفك ، و تنال ما فعلته كفك .
قال : كيف ذلك يا أمير ؟ هو سوقة ، وأنا عرش وتاج ؟ كيف ترضى أن يخر النجم أرضاً ؟
قال عمر : نزوات الجاهلية ، ورياح العنجهية قد دفناها ، أقمنا فوقها صرحاً جديداً ، وتساوى الناس أحراراً لدينا وعبيداً .
فقال جبلة : كان وهماً ما جرى في خلدي أنني عندك أقوى وأعز ، أنا مرتد إذا أكرهتني .
فقال عمر : عالم نبنيه ، كل صدع فيه يداوى ، وأعز الناس بالعبد بالصعلوك تساوى .
تسمية الجنة بحظيرة القدس وجبريل روح القدس :
ما هو التقديس ؟ التقديس ؛ التطهير ، سميت الجنة بحظيرة القدس ، لأنها مطهرة من كل عيوب الدنيا ، لا في كبر ، ولا في ضعف بصر ، ولا في شيب ، ولا في إنحاء ظهر ، ولا في ابن عاق ، ولا في زوجة سيئة ، ولا في دخل قليل ، ولا في فقر ، ولا في مرض ، سميت الجنة بحظيرة القدس لأنها مطهرة من كل عيوب الدنيا ، وجبريل سماه الله في القرآن الكريم ، روح القدس ،
قال تعالى في القرآن الكريم :
(قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ)
[سورة النحل الآية : 102]
لأنه مطهر من كل عيوب التبليغ ، لا ينسى ، ولا يغير ، ولا يبدل ، ولا يضيف ، ولا يحذف ، ولا يبالغ ، لأنه مطهر من كل عيوب التبليغ .
أيها الأخوة الكرام ، نحن في أمس الحاجة إلى معرفة أسماء الله الحسنى ، لأن لها أثر كبير كبير في حياتنا.

والحمد الله رب العالمين


تابعني عبر فيسبوك