بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع اليوم هو خلق التواضع ،
انطلاقاً من أن هناك تلازماً ضرورياً بين التدين الصحيح والخلق القويم ، حدد النبي صلى الله عليه وسلم ، حدد الغاية الأولى من بعثته ، والمنهج الأمثل لدعوته ،
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
فالهدف الأول لدعوته هو إرساء البناء الأخلاقي للفرد والمجتمع ، لأنه ثمن سعادة الدنيا والآخرة ، والوسيلة هي التعليم لا التعنيف ،
قال صلى الله عليه وسلم :
قال صلى الله عليه وسلم :
والمتتبع لنصوص القرآن الكريم ، وللسنة المُطهرة الصحيحة يجد ذلك التلازم الضروري بين التدين الصحيح والخلق القويم ،
قال تعالى :
قال تعالى :
وقال تعالى :
قَالَ النَبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
وقال أيضاً :
إذاً : فالإيمان أساس الفضائل ولجام الرذائل وقوام الضمائر ، وقد بين الني صلى الله عليه وسلم أن أحسن الناس إسلاماً أحسنهم خلقاً ، وأن أكملهم إيماناً أحسنهم خلقاً ، وأن من أحبِ عباد الله إلى الله أحسنهم خلقاً ، وأن من أقرب المؤمنين مجلساً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم القيامة أحسنهم خلقاً ، وأن خير ما أُعطي الإنسان خلق حسن ، وأنه ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن ، وأن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم ، بل إن العبد ليبلغ بحسن خلقه عظيم درجات الآخرة ، والخلق الحسن ُذيب الخطايا كما يُذيب الماء الجليد ، والخلق السوء يفسد العمل كما يفسد الخل العسل .
قَالَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
قَالَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
وانطلاقاً من أن الحق وسط بين طرفين ، وأن الفضيلة مكرمة بين رذيلتين ، وأن الكمال في الوسط، وأن النقص في التطرف ، فقد ينحرف التواضع إلى الذل ، وقد يصبح غلافاً للكبر .. وفي الطرفين انحراف بالتواضع عن الموقع الصحيح الذي أراده الله ، وتزييف لهذا الخلق الكريم الذي سنه المصطفى عليه صلوات الله وسلامه .
فقد ينطوي المرء على نفس تتصف بأشد حالات الكبر ، ولكنه يسلك مع بعض الناس سلوك المتواضع توصلا بهذا السلوك إلى تحقيق مصالحه المادية ، إنه موقف ذكي أساسه المصلحة الراجحة .
فالكبرياء على العباد صفة رب العباد الذي خلق فسوى ، والذي قدر فهدى ، والذي إذا ظهر قهر ، وإذا تجلى طاشت لأنوار جلاله ألباب البشر .
قال الله تعالى في القرآن الكريم:
فالكبرياء على العباد صفة رب العباد الذي خلق فسوى ، والذي قدر فهدى ، والذي إذا ظهر قهر ، وإذا تجلى طاشت لأنوار جلاله ألباب البشر .
قال الله تعالى في القرآن الكريم:
فذلُ العباد لربهم بالحق لا بالباطل ، فهو الخالق العظيم ، والرب الرحيم ، والمسيّر الحكيم ، بديع السماوات والأرض ، ذو الفضل العظيم ، رب العزة ، ذو الجلال والإكرام ، إليه يُرجع الأمر كله .
قال الله تعالى في القرآن الكريم:
قال الله تعالى في القرآن الكريم:
فمصائر العباد رهن مشيئته ، وطوع إرادته ، وهم إنما يكونون في أزكى أحوالهم ساعة ، تعنو جباههم لربهم خاضعين له ، مُنيبين إليه عندئذ يعرفون حجمهم ، ووضعهم فيلزمون حدهم ، ولا يتجاوزونه .
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :
فالمتكبِّر مبطل متطاول ، يزعم لنفسه ما ليس لها ، والكبر جملة من الخصال الخسيسة ، في طليعتها جحد الحق ، وتجاهل الواقع ، وسوء العشرة ، وتجاوز القدر ، وتحقير الفضل.
وقد يجهل الإنسان حقائق التوحيد ، أو يعتقد اعتقاداً فاسداً أساسه الشرك فيُذِّل نفسه ويقبل الدنية في دينه ، ودنياه لواحد من أمرين ؛ إما خوف أن يصاب برزقه ، أو أن يصاب بأجله مع أن الله قطع سلطان البشر عن الآجال والأرزاق جميعاً ، فليس لأحد إليهما سبيل ، وبين لنا في كتابه العزيز أن البشر ولو اجتمعوا بأسرهم أذلُّ من أن يمنعوا شيئاً أعطاه الله ، وأقلّ من أن يعطوا شيئاً منعه الله ،
قال الله تعالى في القرآن الكريم :
قال الله تعالى في القرآن الكريم :
قال الله تعالى في القرآن الكريم :
هذا الذل ذل الشرك والخوف ، ليس من التواضع في شيء .
وقد يقصِّر الإنسان في أداء واجبه ، وقد يهمل عمله ، أو صنعته ، أو يسيء إلى الناس في تعامله معهم ، فيأتيه اللوم والتقريع ، فيتطامن ويستخذي ، وهذا الذل ؛ ذل التقصير ، والإهمال ، والإساءة ليس من التواضع في شيء .
إذاً : ذلة العبد لعبد مثله باطلة لا ريب ،
وقد يقصِّر الإنسان في أداء واجبه ، وقد يهمل عمله ، أو صنعته ، أو يسيء إلى الناس في تعامله معهم ، فيأتيه اللوم والتقريع ، فيتطامن ويستخذي ، وهذا الذل ؛ ذل التقصير ، والإهمال ، والإساءة ليس من التواضع في شيء .
إذاً : ذلة العبد لعبد مثله باطلة لا ريب ،
فقد حرَّم الإسلام على الإنسلن أن يهون أو يُستذل ، أو يُستضعف ،
قال تعالى :
قال تعالى :
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
وفي رواية :
إذاً : فلا ينبغي للمؤمن أن يُذل نفسه ،
فقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم :
فقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم :
وقد قيل :
إن اعتزاز المسلم بنفسه ودينه وربه ، هو عزة الإيمان ، وعزة الإيمان شيء و كبرياء الطغيان شيء آخر، إنها أنفة المؤمن أن يصغر لجهة أو أن يتَّضع في مكان ، أو أن يكون عبداً لإنسان ، إنها ترفُّع عن مغريات الأرض ، ومزاعم الناس ، وأباطيل الحياة ، وفيها انخفاض إلى خدمة المسلمين ، والتبسُّط معهم ، واحترام الحق الذي يجمعه بهم ، إنها إتيان البيوت من أبوابها ، وطلب العظمة من أصدق سبلها ،
قال الله تعالى في القرآن الكريم :
قال الله تعالى في القرآن الكريم :
وقال أحدهم:
فإذا اعتززت بمن يموت فإن عزك ميت
والعزة حق يقابله واجب ، وليس يسوغ لامرئٍ أن يطالب بماله من حق حتى يؤدي ما عليه من واجب ، فإذا كُلِّفت بعمل فأدّيته على أصح وجوهه ، عندئذ لا سبيل لأحد عليك ، ولا يستطيع من فوقك ولا من دونك أن ينالك بلفظ جارح ، وتستطيع أن تحتفظ بعزة نفسك أمام كل الناس على اختلاف مراتبهم ، حين تسدُّ الثغرات التي ينفذ منها إليك اللوم والتقريع ، إن ألدَّ أعدائك حينئذ يتهيبك ،
قال الله تعالى في القرآن الكريم :
قال الله تعالى في القرآن الكريم :
وقد قال صلى الله عليه وسلم :
وبعد الحديث عن الكبر وبطلانه ، والذلة وأسبابها ، والعزة ومقوماتها يطيب الحديث عن التواضع :
إنه تواضع العزيز ، لا تواضع الذليل ،
وإنه تواضع القوي ، لا تواضع الضعيف ،
وإنه تواضع المنتصر لا تواضع المنهزم ،
وإنه تواضع الشريف ، لا تواضع الخسيس ،
وإنه تواضع المؤمن الذي يؤمن أن الأمر كله بيد الله ، لا تواضع المشرك الذي استحوذ الخوف على قلبه ،
وإنه تواضع المؤدي لواجبه لا تواضع المقصّر فيه ،
وإنه تواضع المتقن لعمله ، لا تواضع المهمل له ،
وإنه تواضع المحسن ، لا تواضع المسيء ، ويدعم هذا التوجه .
إنه تواضع العزيز ، لا تواضع الذليل ،
وإنه تواضع القوي ، لا تواضع الضعيف ،
وإنه تواضع المنتصر لا تواضع المنهزم ،
وإنه تواضع الشريف ، لا تواضع الخسيس ،
وإنه تواضع المؤمن الذي يؤمن أن الأمر كله بيد الله ، لا تواضع المشرك الذي استحوذ الخوف على قلبه ،
وإنه تواضع المؤدي لواجبه لا تواضع المقصّر فيه ،
وإنه تواضع المتقن لعمله ، لا تواضع المهمل له ،
وإنه تواضع المحسن ، لا تواضع المسيء ، ويدعم هذا التوجه .
وذاك التعريف أن التواضع لُغةً مصدر قياسي لفعل تواضع ، الذي على وزن تفاعل، حيث يفيد هذا الوزن إظهار ما ليس في الواقع ، فالمتواضع ليس وضيعاً ، كما أن المتمارض ليس مريضاً ، والمتكبر ليس كبيراً ، والمتعاظم ليس عظيماً .
فالتواضع في حقيقته ، رؤية صحيحة لعظمة خالق الأكوان ، وشعور واقعي بضعف الإنسان ، وسلوك أصيل أساسه الانضباط والإحسان ، فهو مظهر لعبودية الإنسان تجاه خالقه ، ونتيجة لرؤية افتقاره لفضله ، وليس سلوكاً ذكياً ، أساسه مصلحة راجحة ، ولا ضعفاً نفسياً أساسه توهُّم باطل ، أو رؤية ضبابية ، وليس تقصيراً ، أو إهمالاً ، أو إساءة .
إنه فضيلة الفضائل ، وهو بين دناءة الذلِّ وغطرسة الكبر ،
قال الله في الحديث القدسي:
إنه فضيلة الفضائل ، وهو بين دناءة الذلِّ وغطرسة الكبر ،
قال الله في الحديث القدسي:
والتواضع في أدق تعاريفه : خضوع العبد لسلطان الحق ، والانقياد له ، والدخول تحت مظلته ، ومن تكبر عن الانقياد للحق ، أذله الله ، وصغّره وحقّره ، ومن تكبَّر عن الانقياد للحق ، ولو جاءه من صغير أو بعيد أو عدو فإنما تكبّره على الله ، فإن الله هو الحق ، وكلامه حق ، ودينه حق ، والحق صفته ، والحق منه ، والحق إليه ،
وحينما عرَّف النبي صلى الله عليه وسلم الكبر فقال إنه :
وحينما عرَّف النبي صلى الله عليه وسلم الكبر فقال إنه :
أي احتقارهم وازدراؤهم ، وعرَّف التواضع بقاعدة ” مفهوم المخالقة ” ، أي إنه الخضوع للحق ، وإنصاف الناس لهذا قيل : من عرف نفسه عرف ربه ، ومن لم يعرف نفسه فهو مغرور ، ومن نظر بعين المعرفة إلى سلطان الله ، فني عنه سلطان نفسه ، ومن نظر إلى عظمة ربه صغرت عنده نفسه ، وقهرت تحت جلال هيبته.
المؤمنون قوم فرَّغ الله قلوبهم من الكبر ، وجعل رحيق محبته مشروبهم ، وأطال على باب خدمته وقوفهم، وجعل رضاه وقُربه مطلوبهم ، وغضبه وبعده مخوفهم ، فهم من خشيته مشفقون ، ومن هيبته مطرقون ، إن تواضعوا فلرفعته ، وإن تذللوا فلعزته ، وإن طمعوا ففي فضله ، وإن خضعوا فلعظمته ، إلى الله افتقارهم وبالله افتخارهم ، وإلى الله استنادهم ، هو كنزهم ، وعزهم ، وفخرهم ، وذخرهم ، ومعبودهم ، ومقصودهم .
وقل للواقفين بغير باب الله : يا طول هوانكم ، وقل للعاملين لغير الله : يا عظيم خسرانكم ، وقل للآملين لغير فضل الله : يا خيبة آمالكم ، وقل للساعين لغير وجه الله : يا ضيعة أعمالكم .
هذه بعض المنطلقات النظرية ، لخلق التواضع ، ولكن أين هي التطبيقات العملية ؟ .
المؤمنون قوم فرَّغ الله قلوبهم من الكبر ، وجعل رحيق محبته مشروبهم ، وأطال على باب خدمته وقوفهم، وجعل رضاه وقُربه مطلوبهم ، وغضبه وبعده مخوفهم ، فهم من خشيته مشفقون ، ومن هيبته مطرقون ، إن تواضعوا فلرفعته ، وإن تذللوا فلعزته ، وإن طمعوا ففي فضله ، وإن خضعوا فلعظمته ، إلى الله افتقارهم وبالله افتخارهم ، وإلى الله استنادهم ، هو كنزهم ، وعزهم ، وفخرهم ، وذخرهم ، ومعبودهم ، ومقصودهم .
وقل للواقفين بغير باب الله : يا طول هوانكم ، وقل للعاملين لغير الله : يا عظيم خسرانكم ، وقل للآملين لغير فضل الله : يا خيبة آمالكم ، وقل للساعين لغير وجه الله : يا ضيعة أعمالكم .
هذه بعض المنطلقات النظرية ، لخلق التواضع ، ولكن أين هي التطبيقات العملية ؟ .
إن هذا الانفصال بين المُثُل النظرية ، والواقع العملي ، بين ما ينبغي أن يكون وبين ما هو كائن ، يرفضه الإسلام أشد الرفض ، لقد رفع الإسلام الواقع إلى مستوى المثل ، وشد المثل لتكون واقعية ، فصار ما في الإسلام يسمى بالواقعية المثالية ، أو المُثُل الواقعية .
إليكم أنموذجاً واقعياً من خلق التواضع عند النبي صلى الله عليه وسلم :
إليكم أنموذجاً واقعياً من خلق التواضع عند النبي صلى الله عليه وسلم :
لقد كان صلى الله عليه وسلم جمَّ التواضع ، وافر الأدب ، يبدأ الناس بالسلام ، وينصرف بكله إلى محدثه ، صغيراً كان أو كبيراً ، ويكون آخر من يسحب يده إذا صافح ، وإذا تصدق وضع الصدقة بيده في يد المسكين ، وإذا جلس جَلس حيث ينتهي به المجلس ، لم يُرَ ماداً رجليه قط ، ولم يكن يأنف من عمل لقضاء حاجته ، أو حاجة صاحب أو جار ، فكان يذهب إلى السوق ، ويحمل حاجته بيده ويقول : أنا أولى بحملها ، وكان يجيب دعوة الحرِّ والعبد والمسكين ، ويقبل عذر المعتذر ، وكان يرفو ثوبه ، ويخصف نعله ، ويكنُس داره ، ويخدم نفسه ، ويعقل بعيره ، وكان في مَهنة أهله ، وكان يأكل مع الخادم ، ويقضي حاجة الضعيف والبائس ، وكان يمشي هوناً خافض الطرف ، متواصل الأحزان ، دائم الفكرة ، لا ينطق من غير حاجة ، طويل السكوت ، إذا تكلم تكلّم بجوامع الكلم ، وكان دمثاً ليس بالجاحد، ولا المهين ، يعظم النِّعم ، وإن دقَّت ، ولا يذمُّ منها شيئاً ، ولا يذمُّ مذاقاً ، ولا يمدحه ، ولا تُغضبه الدنيا ، ولا ما كان منها ، ولا يغضب لنفسه ، ولا ينتصر لها ، إذا غضب أعرض وأشاح ، وإذا فرح غض طرفه ، كان يؤلِّف ولا يُفرق ، ويُقرّب ولا يُنفّر ، يكرم كريم كل قوم ، ويوليه عليهم ، يتفقد أصحابه ، ويسأل الناس عما في الناس ، يُحسِّن الحسن ويصوّبه ، ويُقبِّح القبيح ويوهِّنه ، لا يُقصِّر عن حق ، ولا يجاوزه ولا يحسب جليسه أن أحداً أكرم عليه منه ، من سأله حاجة لم يرده إلا بها ، أو ما يَسّره من القول ، كان دائم البشر ، سهل الخُلق ، لين الجانب ، ليس بفظ ، ولا غليظ ، ولا صخَّاب ، ولا فحّاش ، ولا عيّاب ، ولا مزّاح ، يتغافل عما لا يشتهي ، ولا يُخيِّب فيه مؤمله ، وكان لا يذم أحداً ، ولا يعيِّره ، ولا يطلب عورته ، ولا يتكلم إلا فيما يُرجى ثوابه ، يضحك مما يضحك منه أصحابه ، ويتعجب مما يتعجبون ، ويصبر على الغريب وجفوته ، في مسألته ومنطقه ، لا يقطع على أحدٍ حديثه حتى يجوزه … والحديث عن شمائله لا تتسع له المجلدات ، ولا خطب في سنوات ، ولكن الله جل في علاه ، لخَّصها في كلمات
فقال :
فقال :
فمن عنايته بأصحابه ، وتواضعه لهم :
ما رواه الحاكم بإسناده أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل بعض بيوته ، فدخل عليه أصحابه حتى غصَّ المجلس بأهله وامتلأ ، فجاء جرير البجلي ، فلم يجد مكاناً فقعد على الباب ، فنزع رسول الله صلى الله عليه وسلم رداءه ، وألقاه إليه ، فأخذه جرير ، ووضعه على وجهه ، وجعل يقبِّله ، ويبكي ، وأعاده إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال : ما كنت لأجلس على ثوبك ، أكرمك الله كما أكرمتني ، فنظر النبي صلى الله عليه وسلم يميناً وشمالاً ، وقال :
وعن عدي بن حاتم أنه قال : لما دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم ألقى إلي وسادة من أدم محشوٍّ ليفاً،
وقال : اجلس عليها ،
فقلت : بل أنت فاجلس عليها ،
قال : بل أنت ،
فقال عدي : فجلست عليها ، وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على الأرض ، فقلت : أشهد أنك لا تبغي علواً في الأرض ولا فساداً .. وأسلم عدي بن حاتم .
وقال : اجلس عليها ،
فقلت : بل أنت فاجلس عليها ،
قال : بل أنت ،
فقال عدي : فجلست عليها ، وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على الأرض ، فقلت : أشهد أنك لا تبغي علواً في الأرض ولا فساداً .. وأسلم عدي بن حاتم .
وروى البيهقي في الدلائل أنه وفدَ وفدُ النجاشي على النبي صلى الله عليه وسلم فقام يخدمهم بنفسه ،
فقال أصحابه : نحن نكفيك القيام بضيافتهم وإكرامهم ،
فقال صلى الله عليه وسلم:
فقال أصحابه : نحن نكفيك القيام بضيافتهم وإكرامهم ،
فقال صلى الله عليه وسلم:
وكان صلى الله عليه وسلم يمرُّ على الصبيان فيسلم عليهم ، وكانت الأمة ( الطفلة الصغيرة) تأخذ بيده فتنطلق به حيث شاءت ، لقد كان هين المؤنة لين الخُلق ، كريم الطبع جميل المعاشرة ، طلق الوجه ، بساماً متواضعاً من غير ذلة ، جواداً من غير سرف رقيق القلب ، رحيماً بكل مسلم خافض الجناح للمؤمنين ، ولين الجانب لهم .
وفي مختصر السيرة للطبري
لقد دخل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم مكة فاتحاً متواضعاً لله ، ذاكراً لفضله ، حتى أن ذؤابة عمامته كادت تلامس عنق بعيره من شدة تواضعه وشكره ، هذا هو تواضعه صلى الله عليه وسلم .